شاعر«ة» الحسين
عقيل ميرزا
الأزمة السياسية الممتدة منذ فبراير 2011 لم تشل الاقتصاد والتنمية والمجتمع فقط، بل شلت الحياة الثقافية أيضا حتى صارت شبه معدومة بسبب انشغال الناس بالأوضاع السياسية المتأزمة التي تنتظر انفراجا يعيد لهذه البلاد حيويتها.
ومسابقة شاعر الحسين التي تقام في منطقة البلاد القديم سنويا والتي تحظى بتنافس كبير بين الشعراء من الداخل والخارج، وجمهور عريض من المهتمين، كانت العام الماضي أيضا من ضحايا هذه الأزمة فقد توقفت لدواع أمنية واستؤنف عملها هذا العام وأقيمت مساء الجمعة (11 يناير/ كانون الثاني 2013) في أمسية شعرية حاشدة تسابق على مسرحها شعراء وشاعرات من البحرين والسعودية والعراق، غردوا بين جمهور يجيد الاصغاء والنقد أيضا.
وبعد أن احتكر الرجل الفوز بجائزة المسابقة لأربعة أعوام على التوالي جاءت الشاعرة إيمان دعبل هذا العام لتسرق اللقب بجدارة برائيتها التي نافست بها 42 شاعرا، و14 شاعرة فخطفت منهم جميعا المركز الأول لتضيف تاء التأنيث على شاعر الحسين لتصبح شاعرة الحسين بجدارة، واستحقاق.
النتيجة جاءت لتؤكد مجددا مقدرة المرأة البحرينية على منافسة الرجل على المسرح الأدبي، وأنها تمتلك من البيان ما يخرس ألسنة الرجال، الذين كانوا يحتكرون معلقات الجاهلية قبل خمسة عشر قرنا من الزمان.
كانت أمسية الجمعة الباردة جدا دافئة بمشاعر المتنافسين وحماس المتابعين وكانت الأجواء أدبية بامتياز، وشخصيا لم أنتبه لفعالية ثقافية يحرص على حضورها الجمهور كهذه الأمسية فالسياسة دائما هي الأكثر استقطابا وجذبا إلا أن مثل هذا العمل يعطيك مؤشرا أنك أمام جمهور متنوع الذوق وحي، وعريق يحمل بين حناياه حسا ثقافيا وافيا وذوقا أدبيا رفيعا وراقيا، لا يتوفر إلا لدى الشعوب المتقدمة.
حتى وإن أدار إعلامنا المحلي ظهره لمثل هذه الأنشطة الثقافية الشعبية إلا أن ذلك لن يفقدها قيمتها الحقيقية في صقل الموهوبين والشد على أيدي المبدعين وتشجيع الواعدين لتبقى البصمة الثقافية واضحة على جبين هذا الوطن الضاربة ثقافته بجذورها في عمق التاريخ.




ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق